إبراهيم نصر يكتب: “فقه النوازل” جدير بالقراءة
الطامة الكبرى في انسداد أفق من لا حظَّ لهم من العلم النافع

مع بداية جائحة كورونا أصدرت الهيئة العامة للكتاب، بالتعاون مع وزارة الأوقاف
كتابا تحت عنوان: “فقـه النوازل – كورونا المستجد أنموذجا”،
وهو كتاب يرشدك عزيزى القارئ إلى كيفية التعامل مع الأوبئة
ويكشف جهل المتنطعين، ويظهر مدى حاجتنا إلى خطاب ديني مستنير
يرتكز على فهم المقاصد العامة للشرع الحنيف، وينبه إلى خطورة التدين
المبني على الجهل أو الهوى والجمود عند ظواهر بعض النصوص
دون فهم ضرورة فقه الواقع والمتاح، والموازنات وترتيب الأولويات في التعامل مع النوازل.
تأصيل علمى لفقه النوازل والمستجدات
الكتاب يعد تأصيلا علميا لفقه النوازل والمستجدات، ويتناول قضايا في غاية الأهمية مثل:
الحجر الصحي، العزل المنزلي، أداء العبادات والشعائر في زمن النوازل والجوائح،
ويجيب على كثير من الأسئلة الشائكة في بابه، ويؤكد عدم التناقض بين الإيمان والعلم،
ويبرز حاجتنا إلى الدعاء والدواء معا، فليس أحدهما بديلا للآخر ولا نقيضا له.
الكتاب شارك فى تأليفه وقدم له وأشرف عليه الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
مع نخبة من كبار العلماء والباحثين المتخصصين في الدراسات الفقهية والشرعية.
الطامة الكبرى في انسداد أفق من لا حظَّ لهم من العلم النافع
يقول الدكتور محمد مختار جمعة فى تقديمه للكتاب: للأحوال العادية أحكامها، وللنوازل أحكامها،
والطامة الكبرى في انسداد أفق من لا حظَّ لهم من العلم النافع، ممن جمدت عقولهم عند حفظ بعض المسائل أو الأحكام الجزئية دون أن يلموا بشيء من فقه الأولويات أو فقه النوازل،
ولم يفقهوا شيئًا من قضايا الاستحسان والاستصحاب، أو المصالح المرسلة، أو ما عمت به البلوى، دون أن يفرقوا بين الكليات والجزئيات، ودون أن يحسنوا ترتيب الكليات أو المقاصد الضرورية،
ولم يفقهوا مراد الشارع منها، إنما جعلوا عمدتهم ورائدهم في كل شيء بعض ما حفظوه من بطون الكتب
أو ما أخذوه على يد كبيرهم في الجماعة أو التنظيم، فيحفظونه وكأنه القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
من أهم مميزات الفقه الإسلامى القدرة على التعامل مع المستجدات
ويوضح الكتاب عدة أمور منها: إن من أهم مميزات الفقه الإسلامى التى ينفرد بها بين العديد من الوضعيات الفقهية
أن قواعده العامة ومنطلقاته الأصولية تتمتع بالمرونة التي تمنح الفقيه القدرة على التعامل مع المستجدات الزمانية،
ومتطلبات المراحل المختلفة، وما يلبي حاجات شتى البيئات على كوكبنا الأرضي، فلا ترى الفقيه المسلم
يحار أمام متطلب زمانى، أو بيئى، أو متطلب مرحلة أو ظرف طارئ على الإطلاق،
وليس المقصود بالفقيه هنا فردا معينا بل المقصود هو العقل الجمعى للبيئة الفقهية فى أي زمان وأى مكان،
فقد لبَّى فقهنا الإسلامى حاجات البشرية عبر التاريخ الطويل، وفي إطار البيئات المكانية المختلفة، وما ألمَّت ببني الإنسان نازلة أو كربتهم شدة، ووقف الفقه مكتوف الأيدي، وهذا كله منبعه ومرده ما تتمتع به قواعد الفقه الكلية، وضوابط أصوله المحكمة من حركية نشطة، ومرونة لـبقـة، وقد نستبين ذلك بجلاء حين نتأمل قاعدة: “الضرورات تبيح المحظورات”.
ثم يعرف الكتاب فقه النوازل الذي هو محوره الأساس، بأنه: هو نشاط ذهني يبذله الفقيه في نصوصٍ شرعية في إطار قواعد كلية وضوابط أُصولية، لاستنباط حكم شرعى جديد فى مسألة أو حادثة نزلت ببيئة معينة أو بالبشرية عامة، ولم يسبق لها أن حدثت بذاتها فى الدنيا، وأوضح نموذج لذلك هو وباء “كورونا المستجد”.
ليس فقيها ذلك المتشدد المتزمت وكذلك المتسيب المتهاون
ثم يتحدث عن الفقيه في مواجهة النازلة فيقول: ليس فقيها ذلك المتشدد المتزمت الذي يحجر ما وسع الله فى شريعته، كما ليس فقيها ذلك المتسيب المتهاون، وليس فقيها ذلك الذى يتصدر للإفتاء للناس، ولم ينل من العلم إلا مقدار ما يتناوله الكف إذا صافح سطح الماء، إنما الفقيه هو ذلك الذي يزاوج بين الواجب والواقع.
الكتاب يتناول الكثير من القضايا المتعلقة بموضوعه فى أسلوب سهل مبسط يفهمه الشباب والشيوخ على حد سواء، وذلك يجعله جديرا بالاقتناء والاهتمام بقراءته.
Ibrahim.nssr@gmail.com