المستشار عبدالعزيز مكى يكتب: حقُ أُريد به باطل.. وعاطل يعول عاطل
كان الأستاذ الكبير رحمه الله تعالى وغفر له، على عهده بنا دوماً وعهدنا به عندما كان يطل علينا من وقت لآخر،
إطلالة المؤرخ المخضرم الذى يُفسخ الأرض من ثوانيها ليُنير الفضاء غير المأهول ويزيد الأرض المعمورة ظلمةً وتضليلاً،
على غير المأمول .. الرجل يرى أن قوة الدولة تتبدى فيما لها من نفوذ خارج حدودها .. نفوذ ماذا ياسيدى وليس لكلمة نفوذ
دلالة الآن، فى ضوء ما تمر به المنطقة سوى العدوان على سيادة الدول والعبث باستقرارها وصولاً للهدف المنشود،
وهو القضاء عليها وذلك من خلال الزج بها فى آتون الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية وشراء العملاء اللقطاء، نفوذ يدمر
ولا يعمر، سيما أن الحديث كان على ذكر إيران، التى كان يدافع عنها الأستاذ دون هوادة ويجحد متحدياً ما فعله الشاه
بقدر ما يهلل للخمينى فيما كان يفعله ويقوله ضارباً بثوابت التاريخ عرض الحائط وطوله، وكأنى بالسيدة التى كانت تحاوره
لا تلبث أن تلقى بالسؤال فلا هى تنتظر منه الإجابة كاملة ولا الضيف كان ينتوى أن يجيب.
نفوذ ماذا ياسيدى ؟
نفوذ إيران فى اليمن التى احترقت، وسيادتك تلقى باللوم على ما تفعله قوات التحالف العربى هناك، وهل كان هناك بديل عن ذلك؟.. وقد باءت كل المحاولات مع القلة العميلة والمستبدة بالفشل وأمسى التدخل هناك لا بديل عنه.
نفوذ ماذا ياسيدى ؟..
نفوذ العصابة الدولية التى سارعت لتدمير ليبيا بكل ماتشيعه الكلمة من معان تجسدت على أرض الواقع، والرفض التام
لأن تقوم لها قائمة ومبعوثها جاء وصياً لا وسيطاً لاستكمال المسلسل البغيض فى ليبيا ليجهز على ما تبقى منها،
ويوكل الأمر فيها لغير أهله لمن تآمروا عليها ودمروها متجاهلاً ما تعانيه من فوضى وغياب للأمن فهذا لا يهم.. المهم
الحل السياسى، والكلام الذى نطعمه كثيراً ولا نفهمه، تغطيةً على ما سلبوه ونهبوه واستحلالاً لعشرات المليارات
من الدولارات فى بنوكهم، واستمراراً للمنظر الحقير الذى اختاروه لأنفسهم على الدوام عندما يرتدى الشيطان لباس القديس
الذى لا يزال بخير طالما باعة الأوطان لايزالون فى مقدمة المشهد فى كل مكان.
الرجل يدعونا والأشقاء للسعى لإيران نخطب ودها وقد مكنت لها العصابة الدولية لتلعب دور الشرطى القذر فى المنطقة
وحتماً سيجئ الوقت المناسب آجلا ً لتكون تلك الإيران فريسة سائغة للعصابة الدولية.
إنه الذم بعينه فى مقام المدح
الرجل يرى الفارس المصرى الأصيل مصدوماً والمصدوم فى ميدان المعركة لا يحقق نصراً ..كلام مثبط محبط،
ولا يتمنى الخير لنا وإن شئت فقل إنه الذم بعينه فى مقام المدح.
الرجل ود على نيته أن يرى الفارس المصرى الأصيل فى دمشق الحبيبة على نيته، هل ليساند الأسد فى مواجهة من هم ضده؟
فمن هم ضده أم ليسأله على نيته للرفق بهم وأن يترك لهم أرضه وعرضه خصوصاً وأن الرجل يرى أن عائلة الأسد عاشت
كثيراً وعاثت كثيراً وهم قلة فأقلية اليمن تجئ وأقلية سوريا تذهب، وما هى المهمة التى يرى الرجل أنه يتحتم على الفارس
المصرى القيام بها هناك، متجاهلاً عن عمد ما قد يثيره ذلك من ارتباك وقلاقل فى علاقات الأشقاء، علها تتضاعف وتتفاقم
تكريساً للتشرذم والتفكك وتمكيناً للغزاة المعتدين، ولكن الفارس الذى سبر غور المعارك وإستكنه أسرارها لا تنطلى عليه
أقوال المغرضين مصدرى اليأس والهوان من قالوا للصهاينة تقدموا، فمصر لن تبادر بالضربة الأولى أبداً فحدثت النكسة
وحولها الأبطال الشجعان لنصر عظيم استعصى على معاول الهدامين باعتراف من تجرعوا مرارة الهزيمة لا بكيد الجزيرة
المحروقة الجرداء غير المصدوقة، وتخاريف الانهزاميين والخراصين المتشبعين بما لم يعطوا، المتشدقين بما لم يفعلوا
الملتحفين بالعصابة الدولية المتسترين برداء الدين.
شتان ما بين أن تكون معارضاً أو رافضاً
هل قدم الرجل تحفيزاً على عمل مهم؟ هل قدم نصائح غالية تعين على النهوض بمستقبل الوطن مستثمراً فى ذلك
عمره الطويل وأرصدته التى أنفقها فى الأجواء الضبابية ملقياً كعادته بالحمائم عمداً فى أفواه الصقور الضارية؟.
والغريب أن الرجل كان يتحدث مراراً وتكراراً عن محاولة إغتيال ميلس زيناوى رئيس وزراء إثيوبيا السابق من جانب نظام مبارك
مؤكداً على علمه اليقينى بذلك، وقد كتبت فى مقال سابق لى عن هذا تحت عنوان “الجهل المر والعلم الذى يضر”
ليغرس خنجراً مسموماً فى كبد الأمن القومى للوطن، ولا أدرى لماذا كل هذا ولمصلحة من وأنه شتان ما بين أن تكون معارضاً
أو رافضاً، فهذا حقك وبين أن تكون محرضاً ناعماً ورقيقاً تشكك فى كل الثوابت وتسفه كل إنجاز، فما هى إنجازات سيادتكم
للوطن وهل حل المشكلة يكمن فى أن يعضد القاتل القاتل، وأن يعول العاطل العاطل.
فى النهاية نقولها لأبناء الوطن: أيها المواطن الفطن انتبه.. لا تبيع الوطن ولا تصغى إلا لصوت المكن، ولا تلقى بالاً للهرف
والخرف ولا تبكى على الغابرين باعة الوطن والدين الضالين المضلين، وكن يقظاً دائماً ولا تستهين فلا خير فيهم،
ولا يرتجى منهم نوراً ولا إصلاحا، ولا تنميةً ولا بناء إلا الثبور والتعمية والنباح، فدعك منهم وإجعل أمن وطنك القومى
نصب عينيك وفى سويداء قلبك، ففيه السلامة والنجاة والخير المستدام .. والسلام.