د. صبرى الغياتى يكتب: المكون الثقافي للأمة

ربما يفهم البعض أن المراد بالثقافة هي عبارة عن مجموعة من المعلومات العامة في الأدب والفن والرياضة،
مع نتف معلوماتية عن أشهر الشخصيات المحلية والعالمية وما إلى ذلك، وأن الإنسان المثقف هو من كان لديه
إلمام بطرائف من تلك المعلومات العامة والمعارف الإثرائية، وتلك سطحية في فهم معنى الثقافة وأهميتها في حياتنا،
ذلك أن الثقافة في حقيقتها هي التاريخ والحضارة والدين والأخلاق والقيم والمبادئ والأعراف الاجتماعية،
وهي اللغة والأدب والفن الراقي والعلاقات الاجتماعية والأسرية، هي حب الوطن والانتماء إليه والدفاع عنه،
وغرس كل تلك المبادئ والقيم في أبنائه، هي الهوية للفرد والمجتمع والأمة بأسرها، هي المكون الأساسي للشخصية
السوية ، هي هويتنا الأخلاقية والحضارية، فالمكون الثقافي هو العامل الأساسي في توجيه الأفراد والمجتمعات
نحو السلوكيات الإيجابية ونبذ السلوكيات السلبية والإنكار على أصحابها.
الثقافة إذن هي شخصية الفرد والوطن كله كيفما أردناه .
ومن المعلوم أن للثقافة روافد عدة تغذي الفرد والمجتمع ، فاللغة والدين والأدب والفن وحضارات الأمم وتاريخها كلها روافد
تشكل المكون الثقافي للأفراد والمجتمعات، والبيت والمسجد والمدرسة والجامعة ومراكز الشباب والمسرح والسينما
والمواد الإعلامية التي تقدم من خلالها، وما يقدم عبر الشاشات المرئية أو المسموعة كلها مؤسسات تربوية تمد المجتمع
بروافد ثقافية إيجابية أو سلبية، وكل مادة تقدم من خلال تلك المؤسسات لا شك لها أثر فاعل في المجتمع وسلوكه الإيجابي
البناء، أو سلوكه الخاطئ الهدام ، ولا يمكن أن ننكر الدور الخطير للشاشات الكبيرة أو الصغيرة.
تكرار القبح يجعل الناس تعتاده حتى يصبح المكون الفاعل في سلوكهم
ورب مشهد في السينما رآه ألف شخص فطبقه بألف طريقة، وتكرار القبح يجعل الناس تعتاده حتى يصبح هو المكون الفاعل
في سلوكهم مما يضر بالفرد والمجتمع على حد سواء، ومن هنا تأتي أهمية المكون الثقافي للمجتمع.
وقد عانينا كثيرا من تلك الجماعات التي استخدمت المساجد في بث أفكار التطرف والبعد عن الوسطية،
وكم واجهنا تلك الجماعات وحاربنا تلك الأفكار من خلال المؤسسات الدعوية والإعلامية وغيرها، وذلك لشدة خطر هذه الأفكار
على المجتمع كله ، وفي السياق نفسه يجب أن نواجه كل من يحاول غرس أخلاقيات وسلوكيات تدعو إلى أسلوب البلطجة
أو التبجح بما يعود بالسلب على مجتمعنا المصري الأصيل الذي يكره العنف بطبعه ويميل إلى الهوادة والدعة.
ما أحوجنا لإعادة النظر فى روافدنا الثقافية
فما أحوجنا أن نراجع كل مادة مسموعة أو مرئية أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن نعيد النظر في روافدنا الثقافية
حتى يصبح المكون الثقافي لمجتمعنا المصري الأصيل ووطننا العزيز مصر وأمتنا الإسلامية الكبيرة معبرا عن هويتنا المصرية
الأصيلة، وإسلامنا الوسطي الرشيد، وتلك هي أهمية المكون الثقافي للأمة.