سليدرنشر حديثاًوما يسطرون

د. صبرى الغياتى يكتب: حول الاسمين الكريمين “أحمد و محمد”

في ذكرى ميلاد الهادي

عضو المكتب الفنى لوزير الأوقاف
عضو المكتب الفنى لوزير الأوقاف

تتسابق الأقلام وتتسارع الخواطر في الحديث حول ميلاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن يكتب عن النسب الشريف،

ومن يتحدث عن أخلاقه الكريمة التي جسدت المثل البشري الكامل في رقي الأخلاق وكمالها، ومن يتحدث عن حلو شمائله وصفاته،

ومن يتكلم عن علاقاته الاجتماعية والأسرية، إلى غير ذلك من فنون الحديث وضروب الكلام، وكلهم كما قال البوصيري رضي الله عنه :

وكلهم من رسول الله ملتمس … غرفا من البحر أو رشفا من الديم

وتلك ظاهرة صحية أن يتناول كل منا جانبا من شخصيته الشريفة في شهر ربيع الأول الذى حاز شرف ميلاده الشريف.

غير أني حينما وقفت أمام العظمة المحمدية وجدت أنها البحر الزاخر بالعطاء، لا يسبر أحد غوره ولا يوفيه أحد شيئا من حقه،

وإنما يعرف قدره رب العزة تبارك وتعالى الذي اصطفاه وجعله أفضل الخلق على الإطلاق.

ومن هنا رأيت أن لا أتحدث في هذا المقال عن المسمى، وحسبي أن أقف عند حدود الاسم الشريف.

فقد عرف ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند الأنبياء السابقين جميعهم بالاسم الكريم أحمد، كما يقول الحق تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام:

“وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ” (سورة الصف ـ آية 6).

ولم يرد هذا الاسم في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع، أما اسمه (محمد) فقد ورد في القرآن الكريم في مواضع أربعة:

في سور: “آل عمران، والأحزاب، ومحمد، والفتح”.

معنى الاسمين الكريمين

ونتحدث أولا عن معنى الاسمين الكريمين، فأحمد اسم مشتق من صفة الحمد المنبئة عن الفاعل، فأحمد أفعل تفضيل

من حامد، وتدل على أن المسمى بها أكثر الخلق حمدا لله، وإنما جاء ذالك على لسان الأنبياء السابقين لأن كلهم

يقر بأنه حامد لله، إلا أن أكثرهم حمدا لله وأفضلهم حمدا له سبحانه هو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

فيكون هذا الاسم الشريف يدل دلاله متناهية على تحقيق قوة فاعلية الحمد في هذا الرسول الكريم المسمى بهذا الاسم الكريم،

فمسماه أحمد ، وذكره أحمد، ووصفه أحمد (صلى الله عليه وسلم).

المحمود من كل الخلائق

وأما محمد فهو اسم محول عن صفة تحقيق مفعولية الحمد ومعناه المحمود من كل الخلائق وهو غير الاسم محمود

لأن محمودا قد يحمده خلق ولا يحمده آخرون، أما محمد فهو المحمود من كل الخلائق، ولذالك لما سئل جده لم سماه محمدا ولم يكن الاسم معروفا عند العرب؟

قال: إنما سميته محمدا ليحمده من في الأرض ومن في السماء، ولذالك فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب المقام المحمود يوم القيامة،

قال تعالى: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا” ومن هنا كان اسم محمد توقيفا لقوة المفعولية فى هدا الاسم الشريف.

وإنما كان اسم أحمد سابقا عند الأنبياء السابقين، ومحمد هو الاسم العلم له (صلى الله عليه وسلم) لكي يؤكد

الحق تعالى أنه ما كان محمدا فيحمده الكون كله إلا بعد أن كان أحمد، أي بعد أن تحقق بمعاني الحمد لله تعالى،

وتلك هي بعض أسرار الاسمين الكريمين للنبي (صلى الله عليه وسلم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى