سليدرمع الآياتنشر حديثاً

والله إنها لكبيرة.. “مع الآيات ـ حلقة 31″

حلقات يكتبها: أ.د. عبد الشافى الشيخ

استاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر الشريف
أستاذ التفسير وعلوم القرأن بجامعة الأزهر الشريف

فى الحلقة واحد وثلاثين من حلقات “مع الآيات” نتناول الآيتين 45 و46 من سورة البقرة

يقول الله تعالى: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.

إن الحديث عن الصلاة يجد الإنسان فيه ملاذا آمنا من الضيق النفسي الذي لاحقنا في الحياة وهمومها،

فهي الواحة الخضراء في الطريق القاحل في مسيرة الكبد” لقد خلقنا الإنسان في كبد”،

ولذلك هي نصيحة الله لخلقه وعباده، فقال موجها ومعلما: استعينوا بالصبر والصلاة، فهما جناحا النجاة.

الطاعة تحتاج إلى صبر ومخالطة الناس تحتاج إلى صبر

فالصبر: هو سلاح المؤمن أمام ما يواجهه من أزمات وعقبات ومنغصات، وهي عدة المؤمن في طاعته وعبادته ومعاملاته،

لأن الطاعة تحتاج إلى صبر ومخالطة الناس تحتاج إلى صبر، في الصبر يجد الإنسان ضالته، فلا تتنغص حياته، لأنه صابر،

يستوي لديه من جاء ليعطيه مع من جاء ليأخذ منه، لأنه يعامل الله برضا ويعامل الناس بصبر.

والصلاة هي اللقاء الروحي الإيماني الذي يقف فيه العبد بين يدي مولاه يناجيه، ويفرغ أمامه شحنات الهم والضجر والضيق،

يقف بين يدي مولاه ليبوح بأسراره، ويفصح عن ضعفه بلا خجل أو استتارة، موضع السجود هو محل التفريغ والشحن للإنسان.

تفريغ الطاقة السلبية وما يسببه الهم، وشحن الطاقة الإيجابية الإيمانية الروحانية، والتي تعجر قوى البشر مجتمعة أن تمنحها لإنسان يحتاجها.

حلاوة الصلاة تحل محل مرارة الصبر

تلك والله هي المعادلة الصعبة التي ما إذا تحققت سعد الإنسان في الدنيا وهنأت معيشته، استعينوا بالصبر، ولأن الصبر ثقيل

على النفس أراد الله أن تكون الصلاة عوضا عن هذه المرارة والثقل الذي يجده الإنسان في الصبر، فأردف الحديث عن الصبر

بحديث عن الصلاة في ذات الآية لتحل حلاوة الصلاة محل مرارة الصبر، مشيرا إلى أن هذه النصيحة شديدة وكبيرة لا يتحملها إلا الخاشعون، الذين بحق يجدون في الصلاة مودتهم وأنسهم بالله واستغناءهم بالحق عن الخلق، الذين يمتثلون قول النبي في الصلاة:” أرحنا بها يا بلال”.

وهو المفهوم الحقيقي للصلاة: راحة للنفس والبدن والروح، فمن رأى الصلاة ثقيلة فليعلم أنه على درجة من درجات النفاق فالله تعالى يقول في وصف المنافقين:” وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى “انشطوا في تأدية هذه العبادة، حتى لا تندرج أسماؤنا في سجلات المنافقين.

بعدها يتوقف القرآن الكريم لبرهة وكأن سائلا قد سأل: ومن هم الخاشعون يارب؟
فأجابهم القرآن ليوضح صفاتهم وخصائصهم التي بها يعرفون.
الخاشعون هم الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم……
وهل الظن في ملاقاة الله ميزة للخاشعين؟

نقول: الكلام فيه تقدير حتى يستقيم المعنى، والمراد أنهم يظنون أنهم ملاقوا ربهم بذنوبهم الصغيرة مع أنهم أظهروا التوبة منها وأقلعوا عنها وندموا على فعلها، لكنهم لعظيم مقام الله في نفوسهم يظنون أن الله لم يغفر لهم، فقلوبهم وجلة ألا يغفر الله.

أو أن الظن هنا بمعنى اليقين وهو ما يستقيم به المعنى، خاصة قوله: وأنهم إليه راجعون. نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الخاشعين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى