
في ذكرى 30 يونيو: موقف الأزهر من الثورة على الإخوان
الشعب المصري يحتفل اليوم الأربعاء 30 يونيو 2021م، بالذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو 2013م، التى فرض فيها المصريون
إرادتهم في التغيير السياسي، وإزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر.
المسئولون عن موقع “الطارق” حرصوا أن يواكب إطلاق البث التجريبى للموقع فى هذه الذكرى العظيمة، واليوم الذى لا
ينسى فى تاريح مصر الحديث.
وبهذه المناسبة أردنا أن نوثق موقف الأزهر الشريف الذى لعب دورا مهما ومؤثرا فى هذه الثورة الشعبية العطيمة، فلم يكن
الأزهر الشريف بعيدا عن المشهد السياسي آنذاك، بل لعب دورا أساسيا في التعبير عن رغبة الشعب الحقيقة، حيث بدا له
واضحا أن الغضب الشعبي وصل مداه، في ظل إنكار للأزمة، ولا مبالاة منقطعة النظير، من قبل السلطة الحاكمة من جماعة
الإخوان ومكتب إرشادها.

الأزهر الشريف كان له موقف واضح ـ ممثلا فى شيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ـ الذى انحاز انحيازا تاما إلى مطالب
الشعب، وأيد المطالب الشعبية التي اعتبرها أنصار الجماعة وقتها أنها حرب على الإسلام، ولكن وقوف الأزهر في صف إرادة
الشعب قطع عليهم هذا الطريق وحسم الأمر في قلوب وعقول الشعب المصرى.
“بيت العائلة المصرية” برئاسة الإمام الأكبر، أصدر بياناقبل يوم واحد من البيان الشهير الذى ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيى
فى 3 يوليو 2013م.
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حث جموع المصريين فى البيان على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطني،
وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، والتحلي
بالسلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول وإعلاء مصلحته
والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.
تحمل المسئولية أمام الله والوطن والتاريخ
الإمام الطيب طالب الجميع بتحمل مسئولياتهم أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من
هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء،
وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.
شيخ الأزهر حذر من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: “أحذركم من فتنة
مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم
يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك”.
أربعة أسس
الرئيس عبد الفتاح السيسي ألقى بيانا شهيرا يوم 3 يوليو 2013م، وعقب إلقاء هذا البيان أصدر الإمام الأكبر بياناً، وضع فيه
أربعة أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو، وكانت تلك الأسس بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية
للخروج على حكم الإخوان الفاشى.
الأساس الأول: أن قرار الدعم للثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان.
الأساس الثانى: الوقوف حائلا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.
الأساس الثالث: ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، وقانون إسلامى.
الأساس الرابع: دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كلا من القضاء
والجيش والشرطة.
الإمام الأكبر أكد خلال البيان، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز
لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى.

30 يونيو 2013 .. ثورة شعب مصر على حكم الإخوان
إبراء الذمة
الدكتور أحمد الطيب، اتبع هذا البيان بآخَر أطلق عليه: “بيان الوصايا العشر أو إبراء الذمة”، جاء فيه:
الأزهر الشريف كمؤسَّسة علميَّة ووطنيَّة، حارسة للقيم، جامعة للوطن وأبنائه جميعاً، طوال تاريخها العريق، تتوجَّه إلى
المواطنين كافة، أفراداً وجماعات، مسئولين وناشطين، وأحزاباً ومستقلين، بالنصائح العشر التالية، قياماً بالواجب الوطنى فى
اللحظة الراهنة:
1 ـ اجتمعت كلمة الأطياف الوطنية المصرية السياسية والفكرية والدينية على ما تضمَّنته وثيقة الأزهر الأولى بعد ثورة
الخامس والعشرين من يناير، على أنَّ الدولة التى يُريدها الشعب المصرى وتُؤيِّدها الشريعة الإسلامية هى الدولة الوطنية
الديمقراطية الدستورية الحديثة.
الضرورة تُقدَّر بقَدرها
والوضع المؤقت الذي بدأ يوم الرابع من يوليو الحالى وأفضى إليه الحراك الشعبى الأخير، وارتَأت معظم القوى الوطنية ضَرورة
اتخاذه، يُوجب علينا أن نذكر بأنَّ الضرورة تُقدَّر بقَدرها، وينبغى ألا تزيد الفترة الانتقالية المؤقتة عن الحد اللازم لتعديل الدستور،
وتُجرَى فيها الانتخابات النيابية والرئاسية فى نزاهة وشفافية، للإسراع فى العودة إلى الحالة الطبيعية الديمقراطية الدستورية
التى ارتضاها الشعب.
2 ـ يُطالب الأزهر بالإفراج الفورى عن كل معتقلي الرأي والناشطين السياسيين والقيادات الحزبية المصرية غير المطلوبة فى
قضايا جنائية، وتعويض أسر الشهداء الذين لَقُوا مصرعَهم فى ميادين مصر من كلا الجانبين، باعتبارهم وطنيين مصريين، مهما
اختلفت آراؤهم ورؤاهم السياسية.
مصر حقاً لكل المصريين دون إقصاء أو استبعاد
3 ـ لا بد لأيَّة مصالحة وطنية حقيقية بين الأطياف السياسية والفكرية من أن تكون مبنية على أن مصر حقاً لكل المصريين دون
إقصاء أو استبعاد، كما ينبغى أن تلتزم وسائل الإعلام ميثاق شرف إعلامى وتتوقَّف بعضها عن صِناعة الكراهية والتحريض، كما
يدين الأزهر غلق بعض القنوات الدِّينية وغيرها، رغم اختلافنا مع أسلوب خطابها.
4- لابدَّ من التحقيق القانونى العاجل ومحاكمة المتورِّطين فى سُقوط الشهداء العشرين الذين قُتِلوا على أقدام تمثال نهضة
مصر؛ لمجرَّد تعبيرهم عن رأيهم فى الخروج السِّلمى – الذى أجازَه الأزهر لعُموم المواطنين – وكذلك سائر الضَّحايا فى مختلف
محافظات مصر ومدُنها، أياً كانت انتماءاتهم ومشاربهم.
بعض العناصر المنحرِفة
5 ـ يُعبِّر الأزهر الشريف عن ألَمِه البالغ لما قامت بعض العناصر المنحرِفة من مُطاردة الملتحين والفتيات المنتقبات فى عاصمة
مصر قلب الإسلام، ذات الألف مِئذَنة ومقر الأزهر الشريف، أو الاعتداء على جنود الجيش المصرى أو رجال الشرطة ولا بُدَّ من
التفرِقة بين المتدينين – وكل أفراد شعبنا متدينون بحمد الله – ومَن يتبنون وسائل الإرهاب والإجرام منهجاً فى مواجهة الجماعة
الوطنية.
6 ـ لا محل لأيَّة إجراءات استثنائيَّة فى مصر الثورة، والعالم كله يموج بالديمقراطية، وحتى الدول التى تتمتَّع حقاً بالديمقراطية
فى أوروبا وأمريكا تشهد حراكاً متنامياً، وليست مصر الثورة استثناء من ذلك، إنَّ أكبر نتائج ثورتنا أنها كسرت حاجز الخوف،
وعلى الجميع أنْ يضعوا ذلك فى اعتبارهم، فشعبنا شعب أبى، ليس أقل حرصاً على الحرية والديمقراطية من الآخَرين.
7 ـ يؤكد الأزهر على أن السيادة للشعب فى إطار الدستور والقانون وأن جيشنا الوطنى، يعرف مهمَّته ورسالته السامية فى
حماية حدود الوطن، فللسياسة رجالها كما أنَّ للحرب رجالها، وللقضاء رجاله كما أنَّ للعلم أهله، ونشد على يد جيش مصر
الوطنى حرصه الشديد، بل إصراره على أن يبتعد عن العمل السياسى، رغم محاولات البعض استدعائه إليها، بل وننأى به
عنها.
المشاركة السياسية والعمل فى النور
8 ـ التأكيد على حق كل الأحزاب المصرية بما فيها حزب الحرية والعدالة، فى المشاركة السياسية والعمل فى النور، والسُّلطة
مسئولة عن حمايتهم جميعاً، ووأد كل أساليب التحريض وصِناعة الكراهية، بين قوى الشعب السياسية وأطيافه الفكرية،
لتحقيق السلام الاجتماعى والحفاظ على الحريات.
9 ـ يجب أن يكون تشكيل لجنة مراجعة مواد الدستور التى يتفق على تغييرها أو تعديلها معبرة عن المجتمع المصرى بكافة
ألوانه، دون إقصاء أو استبعاد، ولا تُترَك لأفرادٍ بأعيانهم، فنحن فى عصر الديمقراطية والشفافية، على ألا تُمَسَّ المواد المتعلِّقة
بهويَّة الدولة ومقومات المجتمع، وخاصَّة مواد الشريعة الإسلامية، ومادة الإخوة غير المسلمين.
10 ـ يجب وقف أعمال العنف من كل جانب، وتجنب دعاوى التكفير والتخوين، واحترام الدم المصرى الزكى واستعمال الأساليب
السياسية وحدها فى حلِّ النزاعات السياسية، حتى لا تعقب أخطاراً لا يمكن تلافيها على المصالحة الوطنية.
وأكد شيخ الأزهر، أن ما حدث فى 30 يونيو ليس انقلاباً ولكنها إرادة شعبية، موضحاً أنه استند فى رأيه إلى
القاعدة الفقهية التى تقول بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى. وأن مواقف الأزهر تتحدد دائما طوعا لإرادة
للشعب المصرى وما يمر به من أزمات سياسية، وهذا هو موقف الأزهر الثابت فى كل الثورات عبر التاريخ.