سليدرمع الآياتنشر حديثاً

كتابنا فرقاننا .. “مع الآيات ـ حلقة 37″

حلقات يكتبها: أ.د. عبد الشافى الشيخ

استاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر الشريف
أستاذ التفسير وعلوم القرأن بجامعة الأزهر الشريف

فى الحلقة 37 من سلسلة حلقات “مع الآيات” نتناول الآية 53 من سورة البقرة، يقول الله تعالى: “وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”.

في هذه الآية الكريمة يمتنّ الله على بني إسرائيل بأن أرسل لهم رسولا وآتاه كتابا وفرقانا يفرقون به بين الحق والباطل،

وبين الغث والثمين من الأفكار والعقائد، وهذا شأن الله تعالى مع كل من أرسل إليهم رسله، يوضح ويبين لهم

طريق الصواب، لئلا يضلوا أو يشذوا عن جادة الطريق المستقيم.

فما بعث الله رسولا إلا وآتاه ما على مثله آمن به قومه، وهي المعجزة، وكانت معجزة كل رسول

من جنس ما برع فيه قومه، فأعطي موسى معجزة قهر الله بها سحرهم، وأعطي عيسى معجزة أخرست طبهم،

بينما أعطي سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجزة البيان ألزمتهم الحجة مع تفوقهم في علوم اللسان.

والفرق: هو أن معجزة الرسل السابقين كانت منفصلة عن المنهج، فمعجزة موسى عليه السلام لم تكن في كتابه ولا فرقانه،

بل كانت معجزة منفصلة عن ذلك، تحدى بها السحرة ومن معهم، وكان المنهج منفصلا في كتاب أو ألواح أو توراة،

أما معجزة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كانت هي ذات المنهج، حيث كان – ولا يزال – القرآن الكريم

منهجا ومعجزة لمن أراد التحدي من جديد، ويتجدد التحدي في كل عصر وفي كل مصر، فيخرس الألسنة، ويفحم القرائح

أن تجود ولو بآية من آيات القرآن الكريم.

القرآن الكريم هو معجزة الله الخالدة

فكتابنا هو ذاته فرقاننا بمعنى أن منهجنا في كتابنا وهو القرآن الكريم معجزة الله الخالدة التي أعطاها لنبيه محمد ـ صلى الله

عليه وسلم ـ من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، ومن دعى به فقد هدي إلى صراط مستقيم.

لكن ما يلفت الانتباه في هذه الآية، وهو القاسم المشترك بين جميع الرسالات، وجميع الدعوات، إن الله تعالى عندما ينزل

منهجا على أمة من الأمم يلزمهم بالعمل به، وليس مجرد القراءة والتبرك أو التهادي به في المناسبات والاحتفالات.

لابد أن نضع منهج الله في نصابه الصحيح، المنهج عندما ينزله الله على عباده، فالمطلوب هو تطبيقه والعمل به

في كل تفاصيل الحياة، وهذا ليس خيارا بل هو أمر من الله تعالى: “وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين”.

كما أن علة إنزال الكتب والمنهاج من الله تعالى هو أن يهدي به الناس إلى طريق الخير والحق والهداية، ومن فهم أن منج الله

إلى عباده إنما هو تكليف وتضييق، فلابد أن يراجع فطرته، وأن يعيد نظرته للأمور، فما أنزل الله تعالى المنهج إلا من أجلك أنت،

لأن الله تعالى لا تنفعه طاعة العباد وإن أطاعوه، ولا تضره معصيتهم وإن عصوه.

يا جماعة الخير: الهداية كل الهداية في اتباع منهج الله والالتفاف حول كتابه المجيد، منه تستقى الآداب والأخلاق والعقائد

والأحكام، كتاب الله فيه عزنا وشرفنا وتقدمنا، لو عملنا بما جاء فيه بفهم سديد قويم لا بفهم سقيم يبعد النص عن روحه

ومعناه، وأبشر الذين يلوون النصوص القرآنية تبعا لهواهم أو خيالاتهم بعذاب أليم عند الله، الذي نسأله العصمة من الزلل،

ونعوذ به من الفهم السقيم لآياته الكريمة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى