
*توقفنا في المقال السابق مع أستعراض أقوال الباحث الأثيوبي “ديجين يميني ميسلي”
ثم عرضنا موقف الولايات المتحدة الذي شهد عدم تحرك واشنطن في سد النهضة
إلا على خلفية القمه الأفريقية الروسية – التي كان مهندسها الرئيس عبد الفتاح السيسي
عندما كان رئيسا للاتحاد الإفريقي خلال العام 2019 – واحتمال تدخل روسي في أزمة
سد النهضة، فنشطت الولايات المتحدة نسبيا ووفرت منصة للتفاوض اعتبارا من
خريف 2019 وحتى فبراير 2020
وطبقا للتصريحات المتداولة فإن معظم القضايا تم الاتفاق عليها إلى حد توقيع مصر بالأحرف الأولى على،
ولكن لم تحضر أثيوبيا الاجتماعات النهائية، ولعل هذا الموقف الأثيوبي يمكن تفهمه في ضوء ضبابية موقف الإدارة الأمريكية
الذي تبلور بين وزيرى الخارجية والخزانة الأمريكيان، حيث قال الأول من أديس أبابا “إن الاتفاق بشأن سد النهضة
قد يستغرق شهورا تحت مظلة خطط لاستثمارات أميركية تبلغ 5 مليارات دولار لمواجهة التأثير الصيني، وتحويل أثيوبيا
إلي مركز صناعي أقليمي” بينما كان “ستيفن موشن” وزير الخزانة الأمريكي أكثر وضوحا في الضغط علي أثيوبيا،
مؤكدا أنه “لاملء بلا اتفاق”، ورغم هذا التباين فقد تموضع الموقف الأميركي في مجلس الأمن على رفض الملء دون اتفاق
الدول المعنية، وتشجيع الحوار بين الأطراف، ورفض التصرفات الأحادية من جانب أثيوبيا، حيث قالت المندوبة الأميركية:
“إن بلادها تشجع مصر والسودان وأثيوبيا على الاستفادة من التقدم الذي حصل في المفاوضات التي جرت بواشنطن”
ولعل هذا الموقف الأميركي هو مايبرر تلويح صندوق النقد الدولي بحجب مساعدات اقتصادية عن أثيوبيا كنتيجة
للنهج الأثيوبي في الملء بلا اتفاق، وربما يكون الموقف الصيني أكثر انخراطا في مسألة سد النهضة، حيث أن الشركات
الصينية تشارك في بناء السد، والصين هي هي التي تتولى مد شبكة الكهرباء التي ستنقل الطاقة المولده من السد
إلي أنحاء اخري في أثيوبيا، ولكن على المستوى السياسي فقد تبلور الموقف الصيني على لسان وزير خارجيتها “وانج يي ”
في مجلس الأمن بدعم حل أزمة سد النهضة عن طريق الحوار، وهو موقف حذر يستجيب لمعطيات موقف أطراف الأزمة
من واشنطن، في ضوء التنافس بين بكين وواشنطن بالقضايا الدولية كافة، وإن كان ذلك لم يمنع من تجميد التمويل الصيني
للسد مؤقتا كنتيجة لجهود مصريه سابقة.
فرنسا تقف على مسافة واحدة من الدول المتأثرة ببناء سد النهضة
* أما على الصعيد الفرنسي فإن العلاقات المصرية الفرنسية تمتلك تفاهمات في ملفي ليبيا والساحل الإفريقي،
وهذا ما أتاح ربما لجلسة مجلس الأمن لمناقشة أزمة سد النهضة مما يسجل للدبلوماسية المصرية، ولكن ما عبرت عنه
فرنسا رسميا في وقت مبكر من العام 2018 على لسان سفيرها من مصر، لم يتطور خلال العامين الماضيين حيث قال:
إن بلاده تقف على مسافة واحدة من الدول المتأثرة ببناء سد النهضة في أثيوبيا، وتسعى لحل دبلوماسي، مشيرا إلى
أن فرنسا حريصة على أن تحافظ على مصدرها الدائم للماء، متابعا بقوله:
“حريصون على ألا يسئ السد إلي دول المصب في احتياجاتها من مياه النيل، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نغض الطرف
عن احتياجات أثيوبيا”
* ويمكن القول: إن الموقف الروسي لابد أن يحوز على الانتباه خصوصا مع تكرار العرض الروسي أكثر من مرة للتدخل
في حل أزمة سد النهضة، منها عشية عقد القمة الأفريقية الروسية في أكتوبر العام 2019، والثانية في أعقاب الإعلان
عن فشل المباحثات المنتهية في 13 يوليو من العام 2020 علي لسان “سيرجي لافروف” وزير الخارجية الروسي،
ولعل اللافت هو الدعم الروسي لأثيوبيا في مجالات الطاقة النووية، وتزويد أديس أبابا بمنظومة صاروخية لحماية سد النهضة،
وهو أداء سياسي تستهدف منه ضمان الفاعلية في القرن الأفريقي كأحد منصات التنافس الدولي، خصوصا أن له علاقة
عضوية بالبحر الأحمر.
وصلت الأزمة إلى مجلس الأمن في مطلع يوليو من العام 2020
* وفيما يخص المنظمات الإقليمية والدولية، فقد تحركت الأمم المتحدة على لسان أمينها العام أخيرا بدعم الحوار والحلول
الدبلوماسية بين الأطراف لحل أزمة سد النهضة حتى وصلت الأزمة إلى مجلس الأمن في مطلع يوليو من العام 2020
أعلن فيه الأمين العام أنة سيراقب تطورات أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وأثيوبيا تحت رئاسة ألمانيا،
وبحسب أجندة مجلس الأمن فإن المجلس يراقب تطورات أزمة سد النهضة، ومن الممكن عقد اجتماع بهذا الشأن
في حالة دعت إليه الحاجة.
– أما علي المستوي الأفريقي هو ما سنبدأ به المقال القادم إن شاء الله تعالى.
حفظ الله الوطن …؟!!
*أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناة وسيناء والشرقية
2 تعليقات