
تعرفنا في المقال السابق علي بعض مواقف الدول من مفاوضات سد النهضة، وعرضنا للمواقف لدول الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا،
انتهاءا بالموقف الأممي للأمم المتحدة وأمينها العام، ونستكمل في هذا الصدد،
فنقول: على المستوى الأفريقي حيث نشط الاتحاد الأفريقي أخيرا – على خلفية الدفع المصري نحو مجلس الأمن –
ورعايته مباحثات انتهت بالفشل، ولكن من الملاحظ أنة ربما يتطور موقفة في ضوء الموقف الملتبس لأثيوبيا
فيما يتعلق بالملء الأول وهو ما تسبب في إحراج الاتحاد الأفريقي، وجنوب أفريقيا (رئيس الاتحاد) معا، ولعل ذلك ما يبرر
الدفء الذي وضح في محادثة تليفونية بين الرئيسين الجنوب افريقي ( راما فوزا ) ونظيره المصري (عبد الفتاح السيسي)
كما يشير ربما إلى اتفاقات غير معلنة قد جرت في القمة الإفريقية المصغرة ،تبرر فيما يبدو لنا الصمت الرسمي المصري،
وصدور بيان رئاسة الجمهورية ليشير فقط إلي اتجاهات عقد اتفاق قانوني ملزم لأطرافه، وهو ما لم تهتم أثيوبيا بالرد عليه،
ولكنها اهتمت بمخاطبة الداخل الأثيوبي بالقول:- ” أنه قد تم الوفاء بوعد ملء بحيرة خزان السد على خلفية الصراعات
الداخلية الأثيوبية.
التوازنات الحرجة في أزمة سد النهضة
إجمالا.. يبدو لنا أن التوازنات الحرجة في أزمة سد النهضة هي في أحد جوانبها انعكاس لسيولة النظام الدولي، وهو ما يلقي
على القاهرة ضغوطا كبيرة، وفي تقديرنا أن دورا أمريكيا ضاغطا في هذه المرحلة ( سبتمبر ٢٠٢٠) قد شكل جزءا كبيرا
من الحل السياسي، ولكن هذا الدور يبدو غير ملحوظ حاليا خصوصا مع الانشغالات الأمريكية ( يومها ) بكل من فيروس
كوفيد ١٩ ، الانتخابات الرئاسية التي تلعب فيها أصوات الأفارقة الأمريكيين دورا، خاصة مع وجود نحو نصف مليون أثيوبي
في الولايات المتحدة يلعب بعضهم دورا نشطا مع لوبيات “الكوكس” بالكونجرس الأمريكي.
من هنا كان على الدبلوماسية المصرية أن تكثف جهودها في المرحلة القادمة لمجلس الأمن وحتى نهاية العام ٢٠٢٠،
كما أن قدرا محسوبا من التفاعل المصري مع روسيا قد يحفز الفاعلية الأمريكية في هذا الملف، كما أن الفاعلية مع كل
من فرنسا وألمانيا مطلوبة لتطوير مواقفها، ولن يتأتى ذلك بالمسار الدبلوماسي الرسمي فقط، حيث من المطلوب التحرك
بفاعلية أيضا على مسارات الفواعل غير الرسمية، وهو ما لم تستخدمها الحكومة المصرية حتي الآن، في وقت سبقها العالم
والإقليم إلي التفاعل عبر تنشيط أدوار مراكز الأبحاث، والتفكير على نطاق واسع، ووسائل التواصل الاجتماعي، والميديا
في دعم المنظور المصري المرتبط بحق الحياة لدولتي مصب نهر النيل مصر والسودان.
حتمية التنسيق مع الخرطوم
القاهرة وحتمية التنسيق مع الخرطوم.. وسط تعقيدات ملف المفاوضات المعلقة بشأن سد النهضة الأثيوبي بين القاهرة
الخرطوم وأديس ابابا، زار رئيس الوزراء المصري “مصطفى مدبولي” في منتصف أغسطس من العام ٢٠٢٠ علي رأس وفد
وزاري موسع العاصمة السودانية، التقى خلالها نظيرة السوداني، ورئيس مجلس السيادة “عبد الفتاح البرهان” ونائبه
“محمد حمدان دقلو” لتعزيز أوجة التعاون بين البلدين، وفق بيانات البلدين الرسمية – مع اعتبار مراقبين – أن التحرك المصري
لتعزيز العلاقات الاقتصادية بهدف تكثيف تنسيق المواقف بشأن أزمة السد الذي تشيدة أثيوبيا علي النيل الأزرق، ويثير قلق
البلدين، قال مكتب رئيس الوزراء السودانى “عبد الله حمدوك”: إن زيارة نظيره المصري الأولي له للخرطوم بعد تشكيل
الحكومة السودانية الانتقالية في العام ٢٠١٩ برفقة وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، والموارد المائية والري، والصحة والسكان،
والتجارة والصناعة هدفت إلى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز أوجه التعاون في المجالات المختلفة.
المفاوضات هي السبيل الأمثل
في ختام المباحثات الثنائية بقاعة الصداقة بالعاصمة السودانية شددت القاهرة والخرطوم علي أن المفاوضات هي السبيل الأمثل لحل قضية سد النهضة التي تثير خلافا بين الدولتين وأثيوبيا مع تأكيد ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم، وقال الجانبان في بيان تلاة ” فيصل محمد صالح ” وزير الثقافة والإعلام السوداني ” المفاوضات هي السبيل الأمثل لحل قضية سد النهضة، والبلدان يتطلعان لنجاح المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، معبرين عن ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقع في العام ٢٠١٥ ومبادئ القانون الدولي على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات ، بما يحفظ حقوق ومصالح الأطراف الثلاثة، وعدم أحداث ضرر ذي شأن، كما أكد الجانبان ضرورة عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قبل التوصل إلى اتفاق مرضي للأطراف الثلاثة، وتزامن قبل الزيارة أن هددت القاهرة بالانسحاب من المفاوضات، كانت الخرطوم طلبت قبل أيام من الزيارة أيضا تأجيل المفاوضات اسبوعا لاجراء مشاورات داخلية، وهو ماردت عليه الخارجية الأثيوبية بتأجيل المناقشات أسبوعا أخر استجابة لما قالت إنه طلب مصر والسودان .
وسوف نستكمل فعاليات التنسيق، أو قل التقارب المصري السوداني في المقال القادم إن شاء الله تعالى ..
حفظ الله الوطن .
*أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناة وسيناء والشرقية
تعليق واحد