
قارئي العزيز…نظرا لتسارع الأحداث بخصوص سد النهضة، ومسابقة الزمن، أستسمحك أن أقفز على السياق التاريخي متجاوزا تسلسل الأحداث لرصد ومعايشة تطورات مواقف الدول أطراف النزاع، فقد أشرت في ختام المقال السابق أن يكون موضوع هذا المقال هو ” النزاع الإثيوبي وأثره على الفيدرالية ” ولكن تمشيا مع المتغيرات على مسرح الأحداث ، واستقراء للموقف المعتل لجنوب أفريقيا ” رئيس الاتحاد الأفريقي السابق ” سنطوي هذه الصفحة وسأبدأ مع رؤية الاتحاد الأفريقي برئاستة الجديدة لحلحلة أزمة سد النهضة، حيث شهد الأسبوع الأخير من فبراير الماضي حركة دؤوبة في اتجاه جمود المفاوضات والمباحثات بين الأطراف المعنية بأزمة سد النهضة والذي استمر علي مدار عقد كامل من الزمن، إذ أجري مبعوث رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، رئيس الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية ” نتومبا لوابا ” لقاءات مع الجانب السوداني ممثلا في رئيس الوزراء السودانى ” عبد الله حمدوك ” ووزير الري والموارد المائية ” ياسر عباس ” للبحث في آخر تطورات ملف السد الإثيوبي ، وأشار الجانب السوداني خلال هذه الاجتماعات إلي رغبته في توسيع المفاوضات والمباحثات بين الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا لجعلها وساطة رباعية بقيادة الإتحاد الأفريقي مع وجود كل من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية للإسهام والمشاركة فى لعب دور فعال كوسطاء للدفع بهذه المفاوضات إلي حلول توافقية بين الأطراف الثلاثة فضلا عن جعل السد بوابة للتعاون والتكامل بينها ، وبداية تنسيق وتعاون أقليمي لتحقيق المصالح المشتركة بين دول حوض النيل كافه لفائدة شعوب المنطقة، وشدد السودان على أن أصرار أثيوبيا في المضي قدما في ملء بحيرة السد في يوليو المقبل بشكل أحادي من دون التوصل إلى أتفاقية قانونية ملزمة بين الدول الثلاث في القضايا الفنية والقانونية يمثل خطرا على السدود السودانية خصوصا سدي ” الروصيرص وسنار ” إلي جانب تهديدة حياة وسلامة وممتلكات 20 مليون ” سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق في المنطقة الواقعة أسفل سد الروصيرص.
* تحكم أثيوبيا .. تعليقا على تداعيات الجهود، يقول وزير الرى السوداني السابق ” عثمان التوم ” أتمنى أن تنجح هذه المبادرة في أيجاد حل لهذه الأزمة لكن يري ، الواجب أن يسعى السودان حاليا للتوصل إلى تفاهم مع الجانب الإثيوبي حول مسألة المرحلة الثانية من ملء السد، نظرا لضيق الوقت المحدد للملء في يوليو المقبل، فالسودان يهمه الآن الحصول على معلومات حول منظومة السد من ناحية كيف سيملأ، ومتى تقفل وتفتح بوابات السد، وكمية المياه التي ستخرج من السد مدار الساعة واليوم، حتى يستطيع المختصون في الجانب السوداني تنظيم وضعهم على ضوء البرنامج الموضوع من قبل سلطات سد النهضة ، وأضاف ” التوم ” حسب رؤيتي الشخصية فإنه من غير المتوقع أن يكون فيضان العام الحالي ضعيفا ، ومن غير المحتمل تكرار تجربة عام 1984 التي حدث فيها جفاف فمن المعروف أنه دائما مايعقب الفيضان القوى فيضان بنفس القوة ، لذلك التخوف من ضعف الفيضان هذا العام غير وارد، وبالتالي من مصلحة السودان إيجاد اتفاق مع إثيوبيا يلزمها بتحديد كمية معينة من المياه تضخ من السد خلال تلك الفترة، فأيراد النيل الأزرق سيصبح في قبضة الجانب الأثيوبي وتحكمه بعد تشغيل السد
* آمال ضعيفة ..في سياق متصل أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعات السودانية ” الرشيد محمد ابراهيم ” أن دور الاتحاد الأفريقي تجاه أزمة السد بشكل عام لم يكن على المستوى المطلوب، وبعد تغيير رئاسة الاتحاد من جنوب أفريقيا – التي كان أداؤها في هذا الملف ضعيفا – إلي جمهورية الكونغو الديمقراطية مجرد مسألة روتينية وأجراء شكلي، وبالتالى تبقي الآمال ضعيفه أمام الكونغو لاحداث اختراق في هذه القضية خصوصا أن مبعوث رئيس الكونغو زار القاهرة قبل زيارته الخرطوم، ومن المتوقع أن يزور أديس أبابا ، ومن ثم يبلور رؤية لطرحها على الدول الثلاث في شكل وساطة للدفع بهذا الملف من أجل تحقيق أنجاز وأتفاق مرض ، وأشار ” الرشيد ” إلي أن مايقلل من دور الكونغو في هذا الملف أنها تقع ضمن منظومة دول حوض النيل وهي أقرب إلى ” الأفريقانية ” التي تتخوف منها مصر، عكس السودان الذي يعد الأقرب من ناحية القارة الأفريقيةلكن بادرة الامل هي أن مقترح السودان جعل الكونغو علي رأس الملف الرباعي، لافتا إلى أن السودان- بأعتبارة الأكثر تضررا من ناحية تداعيات السد – قدم مقترحا مناسبا لحل هذه الأزمة بجعل السد منفذا للتعاون والشراكة بين الدول الثلاث تعود منافعه لصالح شعوبها ، وبالتالي إذا ضغط على هذا الجانب يمكن ان يكون هناك أختراق، لكنه ” الرشيد ” يري أن ديناميكية الأحداث وتسارع وتيرتها تفرض ضرورة أن يكون هناك حل وشيك لان الملء الثاني يزيد من مستوى تهديد الأمن المائي للسودان ومصر وهو مايقود مجلس الأمن للتدخل لوجود ضرر من جانب أثيوبيا تجاه دولتي المصب ، ونستكمل في المقال القادم .
حفظ الله الوطن …!!
أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة أنهاء المنازعات الضريبيه
للقناة وسيناء والشرقية
تعليق واحد