
توقفنا في المقال السابق مع جزء من أقوال ” الرشيد محمد ابراهيم ” أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعات السودانية بقولة: ” إن ديناميكية الأحداث وتسارع وتيرتها تفرض ضرورة أن يكون هناك حل وشيك لأن الملء الثاني للسد من دون حدوث اتفاق يزيد من مستوى تهديد الأمن المائي في مصر والسودان
وهو مايقود مجلس الأمن للتدخل لوجود ضرر من جانب إثيوبيا تجاه دولتي المصب ” ، ومضى بقوله:-
“إن حل هذه القضية لا يتجزأ، وأن استراتيجية الحكومة السودانية لحل هذا الملف تشمل تشغيل وملء السد معا من منطلق تفادي المخاطر التي يمكن أن يحدثها السد
على السودان ، لكنه يرى أن خطة الجانب الأثيوبي تجاه الملء الثاني للسد ستتم في موعدها المعلن في حال
تم أتفاق أو لم يتم، لاسيما وأن أديس أبابا تعاني من مهددات داخلية وبالتالي فإن الملء
يشكل رافعة للتماسك الداخلي باعتبار أن سد النهضة يمثل مشروعا وطنيا يلتف حوله الشعب الأثيوبي بكامل مكوناته،
لكن من وجهة نظرة فيما يتعلق بحدوث اتفاق فقد تكون أديس أبابا تفكر في إيجاد مساومة تشمل قضيتي السد والحدود.
مواقف مصر وأثيوبيا حول رؤيتهما لحل المعضلة
رؤيتا مصر وإثيوبيا، فيما يتعلق بمواقف مصر وأثيوبيا حول رؤيتهما لحل المعضلة نجد أن الدولتين تصران على مواصلة التفاوض المباشر،فيما ترى مصر أن سد النهضة يهدد تدفق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق ما يحمل تداعيات مدمرة بالنسبة لاقتصادها ومواردها المائية والغذائية، وهي تتخوف من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة ٥’ ٥٥ مليار متر مكعب ، في حين سبق وأن أكد رئيس وزراء أثيوبيا ” أبي أحمد ” في أكتوبر 2020 انة لا توجد قوة يمكنها أن تمنع بلادة من تحقيق أهدافها التي خططت لها بشأن سد النهضة، وذلك عقب تحذير الرئيس الأمريكي السابق ” دونالد ترامب ” من إمكانية قصف مصر للسد الإثيوبي،
فأديس أبابا ترى أن السد الذي الذي تبلغ تكلفتة 6 ,4 مليار دولار سيكون محركا للتنمية لانتشال ملايين المواطنين من براثن الفقر، ويذكر أن أثيوبيا بدأت في ترتيبات سد النهضة منفردة العام 2008 فقامت بالدراسات وطرح العطاءات فيما شرعت في وضع حجر الأساس وهو بداية التنفيذ في منتصف مايو العام 2011، ومن ثم دعت مصر والسودان بعد ذلك للتفاوض، مافسرة مختصون ومراقبون بأن أديس أبابا أرادت من دعوة دولتي المصب للتفاوض بهدف اكتساب شرعية دولية لهذا المشروع العملاق، وترى أثيوبيا أن السد الواقع على مجرى النيل الأزرق على بعد 20 كيلو متر من الحدود السودانية بسعة 74 مليار متر مكعب ضروري من أجل تزويدها بالكهرباء للتنمية.
ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ثلاثي ملزم
تواصل الخرطوم والقاهرة وحراكهما الدبلوماسي للضغط على إثيوبيا .. مع اقتراب الموعد المحدد للملء الثاني الأحادي لسد النهضة والذي يصر عليه المسئولون الإثيوبيون والذي بات شبه مؤكد على الرغم من إعتراض دولتي الممر والمصب السودان ومصر وتحديدهما التمسك بضرورة أن يسبق ذلك التوصل إلى اتفاق قانوني ثلاثي ملزم، تتزايد مخاوف السودان من الإفرازات والتداعيات المتوقعة بخاصة في ظل جمود المفاوضات ما دفعه إلى اتخاذ تدابير استثنائية تحوطية للتعامل معها من خلال إقرار سياسات مائية جديدة وخطط تشغيلية اسعافية لخزاناتة وسدودة تحسبا لأسوأ الاحتمالات و استباقا للشروع في عملية الملء.
* أسوأ الاحتمالات..
تستدعي الخرطوم تجربتها المريرة جراء الملء الأول في العام الماضي بنحو 5 ,4 مليار متر مكعب بينما سيكون الملء الثاني بما يقارب 3 أضعاف السابق 5, 13 مليار متر مكعب، الأمر الذي يتوقع منة أن تتضاعف مشكلات المياه التي سيعانيها في الصيف المقبل، وفيما يبدو شبه سباق مع الزمن شرعت الحكومة السودانية في خطوات عملية تحسبا لأسوأ الاحتمالات والأضرار وعلى رأسها الصعوبات المنتظرة في تشغيل خزان الروصيرص في ظل غياب الاتفاق والمعلومات اليومية للتصريفات المائية للسد الإثيوبي إلي جانب النقص في كميات المياه الواردة ماسيفقد سد مروي حوالي 30% من حجم توليدة الكهربائي والانعكاسات الأخرى على محطات مياه الشرب،
وعكفت لجنة مشتركة – من وزارتي الري والموارد المائية، والطاقة والتعدين السودانيتان – على وضع السياسات المائية الجديدة اللازمة، وإعداد الحلول والبدائل المطلوبة لمواجهة التداعيات المتوقعة لملء بحيرة السد في الصيف المقبل، ووضعت اللجنة حزمة من الإجراءات والتحوطات العاجلة لامتصاص وتخفيف الأضرار المتوقعة بالتشديد على إحكام التنسيق بين كافة جهات الاختصاص في مجالات مياة الشرب والري، والزراعة، و التوليد الكهرومائي خلال الصيف المقبل المتزامن مع برنامج الملء الثاني للسد.
ونستكمل في المقال القادم إن شاء الله تعالى
حفظ الله الوطن…!
*أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناة وسيناء والشرقية