الملفسليدرنشر حديثاً

ملف الأمن المائي المصري ..نهر النيل (12)

يكتبه: أحمد صادق شرباش*.. بهدوووووء

توقفنا في المقال السابق مع التحديات- على المستوى الداخلي والخارجي-

التي واجهت النظام المصري “يومئذ” وأشرنا إلى تغلغل بعض الأطراف الخارجية

في حوض النيل نظرا للأهمية الاستراتيجية للإقليم وارتباطه بالقرن الأفريقي

الذي يتحكم في باب المندب والبحر الأحمر الذي به أهم القواعد العسكرية الأمريكية،

وهذا بجانب انغماس الجيش المصري بقضايا داخلية وتحديات فرعية

تتمثل في تهريب الأسلحة من الحدود الغربية، والتصدي للجماعات الإرهابية التكفيرية في سيناء،

بالتعاون مع الشرطة المصرية التي لم يعد لها القدرة بمفردها علي مواجهة الخلل الأمني في مصر في تلك الأثناء،

والتصدي للفوضى الأمنية التي كرس لها جماعة الإخوان الإرهابية وأتت على الأخضر واليابس.

مواريث تاريخية سلبية بين مصر والدول الأفريقية

وهذا أوصلنا إلى الأسباب، والسيناريوهات، والحلول والتي أرى أنها تتمثل في:

* المواريث التاريخية السالبة .. فواقع الأزمة مع دول حوض أفريقيا ودول حوض النيل عموما،

وإثيوبيا على وجه الخصوص إنما تتعلق بمواريث تاريخية سلبية بين مصر والدول الأفريقية

وبواقع يتعلق بأوضاع دول حوض النيل داخليا وخارجيا ومدركات وممارسات سلبية من جانب كل من مصر والسودان

تجاه دول الحوض وتفصيل ذلك كالآتي:-

– الاحتكاك التاريخي المصري والعربي بمنطقة حوض النيل مازال يلقي بآثاره السلبية خاصة حال نشوب أي خلاف –

ولو محدود – بين الطرفين إذ ترفع علي الفور إعلاميا ودبلوماسيا راية الاستعمار المصري (أثيوبيا) وراية تجارة الرقيق العربي

(كينيا)، وراية الغزو العربي للشمال الأفريقي (أوغندا) وراية العنصرية (جنوب السودان)،

سقطت راية النضال المشترك لمناهضة الاستعمار والعنصرية

فلقد سقطت العديد من الرايات التي كانت ترفعها الدولتان في ( مصر والسودان) في علاقاتهما مع دول حوض النيل،

إذ توارت راية الاستقلال الاقتصادي (تأميم قناة السويس) وسقطت راية النضال المشترك لمناهضة الاستعمار والعنصرية

(عقب معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية) وسقطت راية الوحدة الوطنية التي كان يمكن الترويج لها من دول الحوض

ذات المجتمعات التعددية ( بعد أحداث الفتنة الطائفية في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي).

وأخيرا سقطت راية المشروع الحضاري السوداني الذي أريد الترويج له عنوة في دول حوض نهر النيل وسقط المشروع

وتم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب في ٢٥ يوليو العام ٢٠١١.

السعي من جانب مصر لتعزيز التعاون

– قد تواكب مع ذلك ومنذ سبعينيات القرن الماضي السعي من جانب مصر لتعزيز التعاون مع دول في حوض النيل

تعمل تحت راية المشروع الغربي (موبوتو في الكونغو – زائير) وهو ما أثار حفيظة دول اشتراكية في المنطقة آنذاك (أثيوبيا)

أو مع دول كالصومال ومؤازرتها في اجتياحها إقليم أوجادين الأثيوبي، أو الدعم العربي”لعيدي أمين” (أوغندا)

وهو ما يولد مشاعر سلبية لدى حركة المعارضة لنظامه بزعامة “يورى موسيفينى”

وهي مشاعر مستمرة حتى الوقت الحاضر، وإذا ما أضفنا إلى ما ذكر أن مصر إلي جانب مساندتها لحركات الكفاح المسلح

في أفريقيا (لم تكن هناك حركات كفاح مسلح ذات شأن في منطقة حوض النيل) وكانت تعتمد في علاقاتها الاقتصادية

مع أفريقيا على القطاع العام المصري المتمثل في “شركة النصر للتصدير والاستيراد” فضلا عن خطين ملاحيين

أحدهما لشرق أفريقيا والآخر لغربها لأدركنا كيف أن عملية الخصخصة (التي قادها مبارك بيد عاطف عبيد في بداية تسعينيات القرن الماضي

مثلت خطيئة تصل إلى درجة الخيانة) قد أسفرت عن تآكل القدرة المصرية على الفعل المؤثر في منطقة حوض النيل

ناهيك عن الداخل المصري وترك السوق المصرية لحفنة من رجال الأعمال الجشعين وأباطرة التجار وأحدثوا أزمات

في كل السلع صبت في حساباتهم ملايين بل مليارات الجنيهات.

احتمالات الصراع الداخلي والحرب الأهلية

– واقع دول الحوض داخليا وخارجيا: فالمتأمل في واقع دول نهر النيل بجد أنها مجزأة ثقافيا بين عرب فون (مصر والسودان )، وأنجلو فون (كينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وجنوب السودان)، وفرانكفورت (رواندا، وبوروندي، والكونغو الديمقراطية)

وأخيرا والأمهرية ( إثيوبيا) وهو ما يعني أن احتمالات التنافس بل قل الصراع بين هذه الدول تظل احتمالات قائمة،

ثم أن مجتمعات هذه الدول في معظمها مجتمعات تعددية (أثنية، وايدلوجية، وعرقية ولغوية… الخ)

وهو ما يعزز من احتمالات الصراع الداخلي والحرب الأهلية، إذا ما أضفنا إلي ما تقدم التأثير والنفوذ الصهيوني في بعض هذه  الدول ( أثيوبيا، وجنوب السودان، وكينيا ، وأوغندا) إضافة إلى(أريتريا وجيبوتي ) فضلا عن قيام قوات الأفريكوم  (القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا) بتدريب جيوش هذه الدول وقواتها الأمنية لأدركنا أن المسألة أخطر بكثير من وجود( أزمة  حالة ) حول مياة النيل رغم أنها مسألة وجود.

أما عن أثر كل ذلك على إثيوبيا إضافة إلي سيناريوهات الأزمة هو ما سنبدأ به إن شاء الله تعالى المقال القادم .

حفظ الله الوطن .

*أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناه وسيناء والشرقية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى