
ملف الأمن المائي المصري ..نهر النيل (2)
يكتبه: أحمد صادق شرباش*.. بهدوووووء…..!
أوضحت فى المقال السابق أن هذا الملف المهم، اخترت له خطاً أسير فيه في الكتابة، وهو رصد الاتفاقات والمؤامرات السرية
التي خطط لها الغرب بليل ضد وطننا العربي بشكل خاص، وعالمنا الإسلامي بشكل عام،
وأستفتتح هذا المقال بقول الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات:
“إن المياه ستكون السبب الوحيد الذي قد يدفع مصر إلى خوض الحرب من جديد”.
وكان لزاما البدء بمقولة الزعيم السادات لما نعايشة من تصعيد في الصراع بين مصر وإثيوبيا على مياه نهر النيل.
وهنا أقول: عندما تستهدف دولة بمكانة مصر، كانت ذات يوم حاضرة وفاعلة في أفريقيا، وكان لها الدور الأكبر في تحقيق استقلال هذه الدول، والسؤال هنا هو:
كيف انقلبت المعادلة ليصبح الأمن المائي القومي المصري والسوداني عرضة للشد والجذب من قبل دول وجدت في ضعف الدور المصري أو تراجعه مجالا لتحقيق مكاسب مائية وسياسة؟
وأضيف وأقول: لربما يصل الإيذاء إلي الأمن القومي المصري والعربي كجزء من عملية صراع إقليمية أكبر في ظل حضور إسرائيلي وإيراني وأمريكي وصيني في أفريقيا إلى جانب التآمر القطري التركي.
ويعتبر ملف نهر النيل من الملفات الشائكة والمهمة في مصر منذ عقود طويلة،

حيث توترت العلاقات المصرية بدول حوض النيل خاصة في تسعينيات القرن
الماضي – تحديدا من العام 1995 بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري
الراحل محمد حسنى مبارك في أثيوبيا – والتي ظلت تتأرجح
بين التحسن والتوتر من فترة لأخرى – كنتيجة لسوء الادارة المصرية لهذا
الملف الحيوي في ذلك الوقت – والذي يمثل أمنا قوميا لمصر.
ملف نهر النيل سيظل من أهم الملفات التي يجب الاهتمام بها على كافة المستويات
ورغم زيادة المناطق الملتهبة على الحدود المصرية الشرقية والغربية والشمالية إلا أن ملف نهر النيل سيظل من أهم الملفات
التي يجب الاهتمام بها على كافة المستويات، وكان يتوجب الإهتمام بها منذ وقت مبكر في ظل إهمال الدبلوماسية
والخارجية المصرية الدائرة الأفريقية على كل الأصعدة، واستمر الإهمال المصري لملف نهر النيل سواء على مستوى الرئاسة
أو الخارجية المصرية، وكذلك على المستوى الشعبي – مما أوصلنا إلى اتفاقية عنتيبي التي سعت لتقزيم الدور المصري –
وتغاضي مصر عن الاستثمار فى الدائرة الأفريقية وخاصة دول حوض النيل التي تعتبر من الدول الهامة
للأمن القومي المصري،أو مايسمي بالأمن المائي المصري.
كثير هم من تحدثوا عن أن الصراع القادم سيكون صراعا مائيا وهو ما وصلنا إليه الآن ويعكسة التعنت الأثيوبي،
ومن أبرز من كتب وعبر عن أهمية نهر النيل بالنسبة للأمن القومي المصري هو “جمال حمدان” إذ قال:
“إذا كان السودان قلب بعدنا النيلي موقعا ورقعة، فإن أطرافه في هضبة الحبشة من يمين ويسار، أو من شمال وجنوب
هي قلب منابعنا المائية، ومن ثم قمة وحدتنا الهيدرولوجيه” وبالتالي فإن من الأهمية بمكان
تناول مفهوم الأمن القومي المائي،
ثم نتناول موقف مصر من الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن نهر النيل التي تتنكر لها أثيوبيا الآن،
ثم نتناول موقف الادارة المصرية الحالية للأزمة وتطورها في ظل انسداد الأفق السياسي الأثيوبي، وعدم الإدراك لعواقب هذا التعنت.
أولا: مفهوم الأمن القومي المائي:
بالقطع لا ينفصل مفهوم الأمن القومي المائي عن مفهوم الأمن القومي المصري بشكلة الشامل،
حيث تعددت الاتجاهات وتباينت المفاهيم التي سعت لتوضيح ماهية الأمن القومي،
فهناك من وسع في المفهوم ليشمل الأبعاد غير العسكرية أي الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية
إلي جانب المائية، أو بمعنى آخر يشمل الأبعاد التنموية إلي جانب البعد العسكري،
وهناك من يضيقه ويقصره فقط على الأبعاد العسكرية، إلا أنه ويصرف النظر عن هذه الاتجاهات والآراء المختلفة في هذا الصدد
يمكن تعريف الأمن القومي بأنه: “الإجراءات التي تتخذها الدولة في حدود إمكانياتها للحفاظ على كيانها ومصالحها
في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات الدولية ” ووفقا لهذا التعريف فإنه يتضمن عدة عناصر وهي:
١- أن تشمل الإجراءات كافة المجالات في الدولة سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو دفاعية عسكرية
٢- أن تكون هذه الإجراءات في حدود الإمكانيات المتاحة للدولة.
٣- التخطيط للحاضر والمستقبل بصورة جيدة بما يحافظ على الأمن القومي.
٤- مراعاة الظروف الدولية والإقليمية التي تحتاج إلى إعادة تقييم من آن لآخر، وفق آخر المستجدات على الساحة.
وهنا يمكننا أن نقرر أن الأمن القومي بمفهومه الشامل لم يعد يقتصر على الأبعاد العسكرية، ولكنه يشتمل
على أبعاد غير عسكرية، مثل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
وأخيرا المائية.
وهو ما سنبدأ به إن شاء الله تعالى في المقال القادم.
حفظ الله الوطن.
* أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناه وسيناء والشرقية
2 تعليقات