الملفسليدر

ملف الأمن المائي المصري ..نهر النيل (9)

يكتبه: أحمد صادق شرباش*.. بهدوووووء

أحمد صادق شرباش رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية للقناة وسيناء والشرقيةبعد أن استعرضنا بنود ومحتوى اتفاقية عنتيبي فى المقال السابق، نرصد تحركات الدولة المصرية إبان هذه الاتفاقية

حيث تحركت الدبلوماسية المصرية قبيل توقيع هذه الاتفاقية فأثمر ذلك فشلا في الجهود

المصرية في العديد من القمم المشتركة والتي سعت مصر من خلالها إلي احتواء الخلافات

التي بدت في الأفق والتي تبنتها أثيوبيا لإضعاف الموقف المصري، وبالأحرى إلغاء الحصص

التاريخية، والحد من الدور القيادي والمؤثر لمصر أفريقيا وخاصة في حوض النيل، ولكن تفاوضيا فشلت قمة “كينشاسا” مايو العام 2009، وكذلك إجتماع “الأسكندرية” مايو -أيضا-العام 2009،

ثم اجتماع ” شرم الشيخ “العام 2010″ وبعد هذا الاجتماع بأقل من شهر تم الإعلان عن

اتفاقية ” عنتيبي “في 14 مايو العام 2010”.

أما عن بيئة التفاوض نفسها في هذه اللقاءات كانت غير مبشرة حيث شهدت نوعا من الجفاء بين كل من المفاوض المصري

والاثيوبي، فلا يتبادلان الحلول إلا عبر وسطاء مع استمرار تبادل الاتهامات بين دول المنبع ودول المصب ووجود جو من الاحتقان

والمواقف غير المبررة.

تعاملت مصر مع هذا الملف على أساس مبدأين هما:

التأكيد على الحقوق التاريخية المكتسبة لحصة مصر من مياه النيل، ومن ثم التأكيد على الاتفاقيات التي تم توقيعها بينها

وبين دول حوض النيل سواء كانت ثنائية أو على المستوى الإقليمي وخاصة اتفاقيات 1902، 1929, 1959 والتي أنتهي فيها

إلي تحديد حصة من مياه النيل أما المبدأ الثاني فهو العمل على إقامة علاقات طيبة وتعاونية مع دول منابع النيل خاصة وسائر

الدول الأفريقية بشكل عام خاصة تاريخيا ساعدت مصر العديد من الدول الأفريقية من التحرر من الاستعمار الأمر الذي وضع

مصر في بؤرة إهتمام الدول الأفريقية لعقود، إلا أنه خلال العقود الثلاثة الأخيرة حتى العام 2013 شهدت العلاقات

المصرية – الأفريقية انكماشا وترديا وصل في كثير من والأوقات إلي حد الجمود بما في ذلك العلاقة مع السودان البشير.

مزيد من التباعد وزيادة الخلاف

وقد قامت مصر بعقد عدد من المؤتمرات في السنوات الأخيرة بهدف تحقيق مزيد من التقارب مع الدول الإفريقية لتقريب

الاهتمامات وتوحيد الأهداف إلا أن أخر المؤتمرات والذي تم انعقاده في “شرم الشيخ” في أبريل العام 2010 أدى إلى مزيد من

التباعد وزيادة الخلاف بين دول الحوض بسبب المواقف الأثيوبية الكارهة لمصر، انتهي إلي وقوف مصر والسودان في جانب

وباقي دول حوض النيل في جانب آخر، وقد تأكد في هذا المؤتمر على تراجع دور مصر ونفوذها في القارة الأفريقية وبذلك تهدد

موقعها الأفريقي بالأخطار في ظل الأبعاد الدولية السياسية والأمنية والتي تثيرها أزمة المياه خاصة مع وجود دور أسرائيلي

تركي قطري نشط في هذه القضية وتزامن مع ذلك قيام دولة جديدة في جنوب السودان، والتي تسعى للحصول على حصتها

في المياه مع غياب الرؤية الإستراتيجية “يومها”حول كيفية استيعاب آثار تفكك السودان على الأمن القومي المصري.

هجوم حاد وغير مسبوق على مصر

وقد أدي مؤتمر “شرم الشيخ ” إلي قيام عدد من دول حوض النيل بالتوقيع على اتفاقية “عنتيبي ” والذى تم بالفعل في 14

مايو العام 2010 وبعد التوقيع على هذه الاتفاقية شن رئيس الوزراء الأثيوبي حينئذ “ميليس زيناوي” هجوما حادا وغير مسبوق

على مصر لإعادة توزيع الحصص قائلا ” مصر مازالت تسيطر عليها أفكار بالية : وهي أنها تمتلك مياة النيل، وهي من تحدد

وحدها الحصص بين دول حوض النيل، كما شدد على: “أن مصر ليس من حقها منع إثيوبيا من إقامة سدود على نهر النيل” وزعم “أن السودان – البشير- ليس المشكلة وإنما مصر هي المشكلة فقط” وفد كان لهذه التصريحات وهذا التوقيع العديد من الدلالات تمثل بعضها في الأتي:

– محاولة فرض أمر واقع جديد على مصر ، وكذلك محاولة رؤية تتجاوز المصالح المصرية.
– أن مصر والسودان لديهما رؤية تقوم على الحقوق التاريخية المكتسبة في الوقت الذي تستند فيه دول المنبع إلي أبعاد سياسية تتعلق بمفهومها للسيادة الوطنية، ومفهوم التنمية لديها لا يرتبط بالتعاون مع مصر بشكل رئيس، وقد كانت مصر والسودان- يومها – مستعدتان لقبول بعض التعديلات في اتفاقية ” عنتيبي ” بما يراعي حصصهما ولكن كان هناك إصرارا على بنود الاتفاقية من قبل أثيوبيا وإعادة توزيع نسبة مساهمة كل دولة في مياه النيل وتطورات الأراضي والموارد والحاجة المياة في السنوات الخمسين الأخيرة.
* وكنتيجة التفكك وعدم استقرار الوضع الداخلي في مصر وذلك في ظل حكم الإخوان، وما تبع ذلك من غياب وضعف الدور المصري في أفريقيا أعطي فرصة لأثيوبيا التي تتحكم في ٨٥% من مياه النيل استغلال هذا الوضع و قيامها بالبدء في تنفيذ مشروعاتها التي كانت تسعى منذ عقود لتحقيقها، وبالفعل أعلنت الحكومة الأثيوبية تحويل مجري النيل الأزرق في خطوة أحادية منها للبدء في بناء سد النهضة..أما عن مخاطر هذا السد ، هو ما سنبدأ به إن شاء الله تعالى المقال القادم .

حفظ الله الوطن

*أحمد صادق شرباش
رئيس لجنة إنهاء المنازعات الضريبية
للقناه وسيناء والشرقية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى