مع الآياتنشر حديثاً

نعيم أهل الجنة .. “مع الآيات ـ حلقة 19″

حلقات يكتبها: أ.د. عبد الشافى الشيخ

استاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر الشريف
أستاذ التفسير وعلوم القرأن بجامعة الأزهر الشريف

فى الحلقة التاسعة عشرة من حلقاتنا المسلسلة “مع الأيات” نعيش مع الآية الخامسة والعشرين من سورة البقرة.

يقول الله تعالى فى محكم التنزيل:

“وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)”

فقد كان من الإنصاف بعد الحديث عن النار وأهلها، أن يتحدث القرآن الكريم عن الجنة وأهلها،

فيبشر الله تعالى المؤمنين الذين يحرصون على فعل الصالحات بدخولهم الجنة مقابل حرصهم على مرضاة الله،

ومكافأةً لهم على ما حبسوا أنفسهم عليه من الطاعة والصبر والالتزام بأوامر الله تعالى.

ولعل التعبير بـ “لهم” يفيد أن الجنة محكومٌ بها لهم دون غيرهم ممن ادعوا دخول الجنة افتراء على الله.

أعدها الله للمتقين ليكافئهم ويرضيهم بها يوم القيامة

ومن خصائص الجنة أن الله تعالى أعدها للمتقين ليكافئهم ويرضيهم بها يوم القيامة،

وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،

لكن يقرّب الله تعالى صورتَها ومفهومها لعباده الصالحين فيُفصح من أوصافها ما يطمّعهم فيها ويحبّبهم في دخلوها،

فهي جنة فيها كل ما تسعد به النفس من المنظر الجميل:

أنهار تسير تحتها وتنبع من أصلها، وثمرات لا حصر لها شكلا ولونا، كلها متشابهة في الأُكُل والطعم المحبب للنفوس،

ويكرمهم الله فيها كرما يليق بجلال وجهه الكريم، فيُغدق عليهم فيها من صنوفها، إلى حدٍّ يشعرون فيه بأن جميع الثمار واحدة،لكن لا شك أن الطعم مختلف، وإن تشابهت الصور والأحجام.

أو المراد بأن فاكهة الجنة تشبه شكلا فقط فاكهة الدنيا حتى ينزع الله منهم الوحشة منها، فالإنسان عدو ما يجهل.

وقد صل الحد من إكرام الله لهم أن يزيل أدنى وحشة قد تتسرب إلى نفوسهم إذا شاهدوا مالم يشاهدوه في الدنيا من الأطعمة والفاكهة،

فيقدم لهم فاكهة تشبه فاكهة الدنيا شكلا فقط، فإذا ذاقوها علموا بأن الطعم مختلف، حتى قال ابن عباس :

“ليس في الجنة من الدنيا إلا الأسماء فقط”.

النعيم يشبه بعضه بعضا مهما اختلفت الأداة

واوتوا به متشابها، أي أن النعيم يشبه بعضه بعضا مهما اختلفت الأداة، الجميع يحقق المتعة واللذة،

وقد يخلق الله فينا شعورا بلذة جديدة لا يعلمها إلا الله، فاللذة أمر نسبي كما في الدنيا فما يتلذذ به شخص غير ما يتلذذ به آخر، وما يتلذذ به الشخص في زمن أو مرحلة عمرية، قطعا لا يحصل به لذة في مرحلة عمرية مختلفة.

المهم أن الله تعالى يكافئ عباده المتقين بأن يرضيهم ويمتعهم فلا تقف أيها القارئ الكريم عند ألفاظ بعينها حتى لا تضيّق واسعا، فلا حرج على فضل الله.

وفي الجنة أزواج مطهرة من الحقد والحسد والغبن والنكد، كما أنها مطهرة حسّا فلا يصيبُها دمُ الحيض ولا النفاس ولا ما شابه ذلك، وتختتم اللذة بضمان الخلود في الجنة، فلا شيء ينغّص عليهم نعيمهم ولذتهم، فاللهم اجعلنا منهم بمنّك وجودك وكرمك يارب العالمين.

أ. د. عبد الشافى الشيخ
أستاذ الدراسات العليا
فى التفسير وعلوم القرآن الكريم
يجامعة الأزهر الشريف

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى